المقدمة

تعددت القلاع والحصون في منطقة العين من أبوظبي لعدة أسباب: منها تعدد قراها حيث تتكون العين من ثماني قرى ( واحات) متباعدة منها: الهيلي، والقطارة، والمعترض، المويجعي، والجاهلي، والمسعودي، ومزيد، والرميلة (1)  ، والمسافة بين كل قرية وأخرى تتفاوت بين ثلاثة عشر كيلو مترا إلى عشرة كيلو مترات، وتقع جميعها جغرافيا في منخفض دائري الشكل قطره حوالي تسعة كيلو مترات ويبلغ منسوب ارتفاعه 275 عن سطح البحر (2) ، وقد قدر سكان القرى الثماني في بداية القرن العشرين ب 5500 نسمة، وفي عام 1966 قدروا ب 7000 نسمة، وزاد العدد في عام 1971 ليصل إلى 51000 نسمة (3).
 
ومن أسباب تعدد القلاع والحصون في العين أنها كانت البوابة الشرقية لإمارة أبو ظبي، كما أنها مجاورة لواحة البريمي التي كانت محط أنظار العديد من القوى المحلية، وهو ما يلزم تأمين الإمارة من هذه الجهة، ونظرا لأن جبل حفيت كان يوفر قلعة طبيعية من جهة الشرق، لذلك كان يجب تأمينها من جهة الغرب بسلسة من القلاع. لهذا تمتد سلسة من الحصون والقلاع على شكل قوس لحماية الإمارة، ولتشكل خطَّ حدودٍ سياسية لنفوذ آل نهيان، وتحدد حدود إمارة أبو ظبي الشرقية.
 
ساعدت موارد العين الطبيعة ووفرة المياه العذبة بها على توفير القوة المادية اللازمة لبناء تلك الحصون والقلاع، كما ساعد توافر المواد الخام المحلية على بناء هذه الحصون والقلاع.
 
وتتعدد الحصون والقلاع مع تغير حكام آل نهيان، فنجد كلا منهم يبني قلعة جديدة عند إقامتهم بها، باستثناء المغفور له الشيخ زايد بن سلطان الذي تتعدد قلاعه ومنشآته بسبب طول فترة حكمه لمنطقة العين، ودأبه في البناء الذي لم يكن ينتهي، وحرصه الدائم على تقوية الدولة وحدودها، فقد كان دائم البناء والعطاء.
 
وتسمى بعض القلاع نسبة للقرى التي تبنى بها أو على مقربة منها فتحمل اسم القرية، مثل قلاع: الجاهلي، والمريجب، ومزيد، والرميلة، والمويجعي، كما تحمل بعض القلاع اسم منشئها مثل قلعة "سلطان" نسبة للمغفور له الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان، أو تحمل بعضُ القلاع اسما يعبر عن شكلها الهندسي مثل قلعة: المربعة، نسبة لشكلها المربع.
 
 

 
1 . عبد الحميد غنيم، مدينة العين، التوسع الحضري وموارد المياه، مكتبة الفلاح ، الكويت، 1986، ص51.
2 . دولة الإمارات العربية المتحدة، دراسة مسحية شاملة، معهد البحوث والدراسات العربية، القاهرة، 1978م، ص565.
3 . بوظبي، دار الهلال، د.ت، ص 62.
 

قلعة الشيخ سلطان بن زايد

 
بناها عام 1907 الشيخ سلطان بن زايد حاكم إمارة أبو ظبي (1922-1926م) (4) ، ويشير مصدر آخر إلى أن تاريخ بنائها هو 1910، والمرجحُ التاريخُ الأول الذي ترجحه أبيات الشعر المكتوبة على باب القلعة (5) ، وكانت القلعة تسمى أحيانا الحصن الشرقي لوقوعها في المنطقة الشرقية من إمارة أبوظبي (6) ، وهي قلعة مربعة الشكل طولُ ضلعها 35م، لها مدخل واحد بارز عبارة عن فتحة معقودة بعقد مثلث يعلوها ثلاثة فتحات لرماة السهام، وأربع فتحات للبنادق، في ضلعها الجنوبي (7) ، وقد كتب على مدخل القلعة:
 
لاح نجم السعد في باب العلا       مجده باق على رغم المعاند
أشرق التاريخ باليوم السعيد        شاد بيت الملك سلطان بن زايد
 
ويعلو المدخل شرفات مثلثة، والقلعة بها ثلاثة أبراج أسطوانية، يبلغ قطر البرج 7 أمتار، وارتفاعه حوالي 12 مترا؛ كل برج مكون من طابقين، مزودين بفتحات المزاغل وفتحات البنادق، ويعلو الأبراج شرفات مثلثة مثل شرفات المدخل، أما أسوار القلعة فمزينة كذلك بنفس الشرفات المثلثة مثل المدخل والأبراج، كذلك فهي مزودة بنفس المزاغل وفتحات البنادق، ويوجد ممر بارز من داخل القلعة ليتحرك عليه الجنود بطول أسوار القلعة لاستخدامه في الدفاع عن القلعة(8).
 
أما داخل القلعة فيتوسطه فناء كبير تتوسطه بئر لتزويد الجنود والسكان بالمياه، ويمد الجنود بالماء إذا ما تم حصار القلعة، مما يعطيها قوة استراتيجية تمكنها من الصمود. وعلى جانبي الفناء توجد قاعات وغرف متعددة ومداخل للأبراج، كذلك توجد حجرة تستخدم كسجن بنهاية الجدار الشمالي للقلعة.
 
مادة البناء
 
بنيت القلعة من الخامات المحلية المتوافرة بالمنطقة، وقد بنيت بشكل أساسي من الصاروج وهو مادة بناء تقليدية كانت تستخدم في البناء التقليدي في تلك الفترة، ويمتاز بقدرته على مقاومة الحرارة والمطر(9) ، أما الأسقف فهي مصنوعة من جذوع النخل، كذلك فتحات تصريف المياه، ولذلك فكل الخامات المستخدمة في البناء من البيئة المحلية.
 
المدفعان
 
يوجد على باب القلعة مدفعان ربما كانا موضوعين من قبل على أبراجها التي كانت معدة لنصب المدفعية. طولُ المدفع الأول 139 سم وقطرُ فوهته  11 سم، وقطرُ خلفيته 28 سم، أما المدفع الثاني فطوله 124 سم وقطر الخلفية 129سم(10).

المتحف الوطني

نظرا للقيمة التاريخية للقلعة فقد اتخذ منها مقرا لأول متحف وطني في أبوظبي والذي أمر ببنائه الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله كجزء من بناء الدولة الحديثة، ويرجع ذلك لتميز القلعة فهي نموذج لقلاع الإمارات في أوائل القرن العشرين. وقد بنيت بشكل هندسي منتظم، مزودة بثلاثة أبراج دائرية، بنيت من خامات محلية تتلاءم مع البيئة والمنطقة، وتحمل جمال البناء بزخارفه التي يغلب عليها المثلثات الهندسية البسيطة.
 
المهام التي قامت بها القلعة
 

كانت القلعة بمنزلة مركز للحكم، فيها يجلس الحاكم وإلى جواره يجلس شيوخ القبائل ورؤساء العشائر والعاملون في ( البرزة) ومنهم: الكاتب، وكاتم سر الحاكم، وكان يلقب بالكيتوب، و(المزكي) أي صاحب الخزينة، القائم على إدارة مالية الحاكم؛ لهذا نجد القلعة مزودة بقاعات كبيرة تتسع لعدد كبير من الناس. تقع العين على ملتقى شبكة من الطرق التجارية الداخلية، فهي تتوسط المسافة بين دبي وصحار ومسقط ومزيد، والشويب وأبوظبي، لهذا اضطلعت القلعة بدور تجاري هام، فقد وفرت الأمن للقوافل التجارية المارة بتلك المناطق، وسهلت التنقل بين أجزاء البلاد، كما وفرت محطات آمنة لراحة لتلك القوافل. لم يقتصر دور القلعة على كونها حصنا ولكنها نهضت أيضا بدور المحكمة، حيث كان الفصل في القضايا من اختصاصات الحكام من شيوخ آل نهيان، ويذكر لنا الكثير من الرحالة الأوربيين مجلس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان في القلعة، إذْ كان يستمع إلى المتخاصمين في هدوء ويحكم بينهم، ويخرج من عنده المتخاصمون وهم في رضى تام. وكان الحاكم يستمد أحكامه من الشريعة الإسلامية، والعادات والتقاليد، والأعراف القبلية السائدة، ثُمَّ اجتهاده الشخصي فيما يُعرض عليه من قضايا. اضطلعت القلعة بدور مركز الشرطة، فقد وفرت الأمن القومي أو الأمن العام لسكان المنطقة والمناطق القريبة منها، حيث كان السكان يلجؤون إليها وقت الخطر، ووقت تعرضهم لهجوم من قِبَل آخرين، لهذا نجدها مزودة بمساحة فسيحة لإيواء اللاجئين إليها مهما زاد عددهم، كما أنها مزودة بحجرات كثيرة لتخزين الغلال والطعام الكافي لإطعام اللاجئين إليها في أوقات الخطر، كما أنها دائما ما تكون مزودة بالماء، وهكذا وفرت القلعة أمناً قوميًّا للسكان. كانت مدينة العين بشكل عام تستخدم كمصيف لأهل إمارة أبو ظبي، وكانت رحلة المصيف تسمى البداه، أي رحلة الاصطياف، وبعد موسم الصيف يعودون إلى أبوظبي في رحلة يطلق عليها اسم الحضارة، وكان ضيوف الحاكم من عِلْيَة القوم يحلون عليه في قلعته، ومكان إقامته، فكانت (برزة الحاكم) أي مضيفته هي ملتقى العِلْيَة، وقد ساهمت نفقات هؤلاء المصطافين في توفير الانتعاش داخل مدينة العين. كانت القلعة هي مركزَ إدارة النشاط الزراعي في منطقة العين، وتقع القلعة في الصحراء ملاصقة لواحة العين أكبر مركز للإنتاج الزراعي حيث كانت أراضي الحكام وشيوخ القبائل وتجار اللؤلؤ، وكان التخطيط للإدارة الزراعية يتم في القلعة، فمثلا خطط المغفور له الشيخ زايد بن سلطان لحفر فلج الصاروج بقلعة المويجعي، واستمر يشرف بنفسه على الحفر لمدة طويلة ويتابعه من قلعة المويجعي، وكان يقوم بالزراعة عُمَّالٌ بالأجر يسمون البيادر، بينما كان المحصول يخزن بالقلعة ويستخدم لخدمة أهل المنطقة ونجدة المحتاج أو يوزع وفقا لظروف كل عام. بدأت بوادر التطور المالي عام 1939م حين وقعت أبوظبي اتفاقا مع بريطانيا يسمح بهبوط وإقلاع الطائرات في مطار أبوظبي مقابل رسوم تدفع للإمارة، وكان ذلك أول دخل نقدي يدخل للإمارة من الخارج بعد انقطاع دخلها من تصدير اللؤلؤ، ثم وقعت الإمارة أول امتياز نفطي عام 1939م مع شركة بترول الساحل المتصالح، نصت على أن تدفع الشركة 300 ألف روبية بعد شهر، ومبلغ 200 ألف روبية سنويا، وبدأت القلعة في توزيع المعونات على السكان التي بدأت بشكل محدود ثم توسعت بعد تولي المغفور له الشيخ زايد بن سلطان حكم البلاد، وتوقف دورها الإداري والاقتصادي والاجتماعي بعد بناء الدولة الحديثة على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان عام 1971م.

 

مركز للإدارة
 
محطة تجارية
 
محكمة
(11)
 
مركز أمني
 
القلعة كمصيف
 
مركز لإدارة النشاط الزراعي
 
مركز للإغاثة
 
كانت القلعة مركزَ توزيع الإعانات للأهالي التي كانت تسمى (الشرهات)، أي المعونات المالية للمحتاجين، وكانت القلعة تمتلئ بأصحاب الحاجة الذين يتقدمون بمطالبهم شفهيا، وفي الغالب كانت على شكل قصائد في المديح والشكوى، فيقدم لهم الشيخ (الشرهات) حسب تقديره لظروف كل شخص وأحواله، وكانت أيضا تقدم الوجبات المجانية للمحتاجين كجزء من كرم الحاكم الدائم على مدار العام.
 
وقد اضطلعت القلعة بدور هام في أثناء الأزمة الاقتصادية الكبيرة عام 1929م، بعد أن ضرب الكسادُ العالَمَ، وتمكنت اليابان من زراعة اللؤلؤ، وروجته في الأسواق العالمية، فقضت بذلك على مصدر الدخل الأساسي، وأفلس تجار اللؤلؤ، وامتلأت البلاد بالعاطلين من أطقم الغوص وبحارة السفن، وأغلقت السوق أبوابها، وفي العين بدأت القلاع في توزيع المعونات في ذلك العام الذي أسماه الناس عام البطاقة، أو سنة الفاضة.
 
 

 

4 . أحمد رجب محمد علي رزق، مدخل إلى التراث المعماري والعسكري في دولة الإمارات العربية المتحدة،ط1، 2004، ص19.
5 . بيتر شيهان، لمصلحة السلام العام – التطوير المعماري لقلعة الجاهلي، ودورها في إطار سياسة الشيخ زايد بن خليفة بالعين، مجلة ليوا، السنة الرابعة، العدد السابع، يوليو 2012،  ص45.
6 . د. يحيي محمد محمود (وآخرون)، زايد في العين، معجزة قاهر الصحراء، بن حم، العين، 2005، ص 84.
7 . د. احمد رجب محمد علي رزق، طرز العمائر الحربية في منطقة الإمارات، حوليات مركز البحوث والدراسات التاريخية، جامعة القاهرة، يناير 2002، ص 21.
8 . أحمد رجب محمد علي رزق، مدخل إلى التراث المعماري والعسكري في دولة الإمارات العربية المتحدة، ط1، 2004،  ص19
9 . محمد مدحت جابر الخليل، العمران التقليدي في دولة الإمارات العربية المتحدة، مركز زايد للتراث والتاريخ، ط1، 2000، ص 173.
10 . د. حمد بن صراي، المدافع القديمة في دولة الإمارات العربية المتحدة، المساحة العسكرية، أبو ظبي، 2004، ص33.
11 . دار الهلال، أبو ظبي، د.ت، ص65.

 

قلعة الجاهلي

 
أنشأها الشيخ زايد بن خليفة (زايد الأول) حاكم أبوظبي ( 1855 – 1909) سنة 1898 (12) ، ويمكن معرفة ذلك من أبيات الشعر المكتوبة على مدخلها وهما:

فتح باب الخير في باب العلا      حل فيه السعد بالعليا المنيفه

وتهاني العز قالت أرخو           دار جد شاد زايد بن خليفه
 

  وبحساب الجمل نستنتج أن تاريخ الإنشاء هو 1316هـ الموافق 1898م (13). ويدعم ذلك التاريخ ما ذكره بيرسي كوكس في رحلته إلى العين عام 1905، حيث ذكر أنه زار الجاهلي التي بنيت قبل ذلك التاريخ بست سنوات(14) ، ويذكر لوريمر عام 1906 أن الجاهلي تطور تحت حكم الشيخ زايد بن خليفة(15) ، وأولى الصور التي التقطت لها هي التي التقطها الفريد ثيسنجر في رحلته إلى العين عام 1948م، رغم أنه لم يشر لها في كتابه الشهير "الرمال العربية" إلا أن الصور محفوظة في متحف "بت ريفرز" بجامعة أُكسفورد، وتعد الفترة من 1955-1971 هي أكبر فترة يتوافر فيها صور القلعة قديماً، حيث كانت القلعة مقرا لقوة كشافة ساحل عمان، والتقط الضباط العديد من الصور للقلعة التي تغطيها طوال تلك الفترة، كذلك استخدم الملحق الشرقي من القلعة كمهبط للطائرات المروحية (الهليكوبتر)، ولذلك تتوافر الصور الجوية للقلعة التي التقطها الضباط ونُشر بعضُها (16) ، وتشير تلك الصور إلى تطابق شكل القلعة وموقعها مع مكوناتها في تلك الفترة.

 
 الساحة الخارجية
 
تعتبر هذه الساحة أكبر أجزاء المساحة، إذ إنها مبنى مربع طولُ ضلعه 70 مترا وتبلغ مساحته نحو 4900 متر مربع، وتشغل القلعة الركن الشمالي الغربي من المساحة، أما الباقي فهو أرض فضاء كانت تستغل كمقر لبناء خيام الجنود ومرابطة الخيول والجمال، والساحة محاطة بسور مرتفع يبلغ ارتفاعه 5 أمتار، تعلوه شرفات مثلثة مثل باقي منشآت العين، وبه فتحات لرمي البنادق، وللساحة مدخل كبير على جانبيه برجان دائريان يبلغ قطرُ كُلٍّ منهما نحو 3 أمتار من أسفل ومترين من أعلى، ويتناقص قطر البرج كلما ارتفعنا ليزداد قوة في التحمل، ويتكون كل برج من ثلاثة طوابق، الأول يستخدم كغرفة للحراسة، أما الثاني والثالث فمهمتُهما دفاعية إذْ إنهما مزودان بالمزاغل وفتحات لرماة البنادق، وفتحات أكبر لاستخدام المدافع، ويتوسط البوابة فتحة المدخل الذي يعلوه عقد مفصص ومزود ببوابة مربعة طول ضلعها 3 أمتار، مزودة بخوخة(17) (فتحة صغيرة تكفي لعبور شخص واحد)، وهكذا فإن البوابة تفتح عند دخول الخيول والجمال، وتغلق وتفتح الخوخة لدخول وخروج الأفراد، وتغلق تماما عند الدفاع عن القلعة.
 
القلعة
 
 توجد القلعة في الربع الشمالي، وهي قلعة مربعة الشكل طول ضلعها 35 مترا، وارتفاعها 8 أمتار، ولها أربع واجهات تعلوها فتحات للبنادق، وصفٌّ من الشرفات المثلثة، ويوجد بها برجان دائريان متطابقان تماما، قطرُ كل منهما 5 أمتار، وارتفاع كل منهما 14 مترا، وكل برج مكون من ثلاثة طوابق مثل أبراج المدخل، أما البرج الدائري الثالث فهو موجود بالواجهة الشرقية، أما الزاوية الشمالية الغربية فيوجد بها برج مستطيل وليس دائريا، وهو البرج الوحيد المستطيل ويبلغ طوله 7 أمتار وعرضه 4 أمتار وارتفاعه 14 مترا تقريبا، به طابقان بنفس تكوين أبراج القلعة، ولعل هذا البرج بني بشكل مستطيل ليكون أقوى من باقي الأبراج، كما يمكن الشكل المستطيل من الاستفادة من الغرف، فيمكن استخدامها كمركز للإدارة.
 

يوجد مدخل القلعة بالجدار الجنوبي، حيث يوجد درج للدخول للقلعة، ويتوسط البناء فناء مكشوف مُبلَّط بالحجر، مما يدل على أنه كان مُعَدًّا للاستخدام كمخزن للمعدات أو للأغذية وقت الحاجة، وتفتح عليه القاعات المختلفة في أشكالها ومساحتها بفتحاتٍ بعضُها معقود بعقود نصف دائرية، وبعضُها عليه أحجبة من الخشب المزخرف زخارف هندسية مختلفة، وتعلو القاعات المطلة على الصحن شرفات مثلثة، وفتحات للبنادق، ومزاريب من جذوع النخل لتسريب مياه الأمطار حتى لا تتجمع في أسقف القاعات، وجميع قاعات القلعة مسقوفة بجذوع النخل والجص.

 
المهام التي قامت بها القلعة
 
مقر لقوة كشافة ساحل عمان
 
استخدمت القلعة كمقر لقوة كشافة ساحل عمان من 1955-1971، فقد كانت مقرا للفرقة (ج) من قوة كشافة ساحل عمان، لهذا نجدها تنهض بدور هام في:
 
 
حماية الأمن الداخلي في منطقة العين في إمارة  أبوظبي، كما قامت بدور كبير في الدفاع عن الحدود الشرقية للبلاد، وقامت بدور كبير في إيقاف تجارة السلاح والتجارة في الممنوعات ككل، كما اضطلعت بدور كبير في حماية البعثات الأجنبية التي كانت تصل للمنطقة (18).
 
 مطار
 
استخدم الجزء الملاصق لقلعة الجاهلي كمطار للطائرات العمودية التي كانت تستخدمها قوة كشافة ساحل عمان، ورغم أن الاستخدام كان محدودا فإنه كان مقصورا على قلعة الجاهلي، ولا نجد إشارة لاستخدامات مماثلة في قلاع أخرى.
 
 مركز للإدارة
 
كانت القلعة بمنزلة مركز للحكم، فيها يجلس الحاكم وإلى جواره يجلس شيوخ القبائل ورؤساء العشائر والعاملون في (البرزة) ومنهم: الكاتب، وكاتم سر الحاكم، وكان يلقب بالكيتوب، و(المزكي) أي صاحب الخزينة، القائم على إدارة مالية الحاكم، لهذا نجد القلعة مزودة بقاعات كبيرة تتسع لعدد كبير من الناس.
 
محطة تجارية
 

تقع العين على ملتقى شبكة من الطرق التجارية الداخلية، فهي تتوسط المسافة بين دبي وصحار ومسقط ومزيد، والشويب وأبو ظبي، لهذا نهضت  القلعة بدور تجاري هام، فقد وفرت الأمن للقوافل التجارية المارة بتلك المناطق، وسهلت التنقل بين أجزاء البلاد، كما وفرت محطات آمنة لراحة لتلك القوافل.

 
محكمة
 
لم يقتصر دور القلعة على كونها حصنا ولكنها اضطلعت أيضا بدور المحكمة، حيث كان الفصل في القضايا من اختصاصات الحكام من شيوخ آل نهيان، ويذكر لنا الكثير من الرحالة الأوربيون مجلس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان في القلعة (19). حيث كان يستمع للمتخاصمين في هدوء ويحكم بينهم، ويخرج من عنده المتخاصمون وهم في رضى تام.
 

وكان الحاكم يستمد أحكامه من الشريعة الإسلامية، والعادات والتقاليد، والأعراف القبلية السائدة،ثُمَّ اجتهاده الشخصي فيما يعرض عليه من قضايا.

 
مركز أمني
 

اضطلعت القلعة بدور مركز الشرطة، فقد وفرت الأمن القومي أو الأمن العام لسكان المنطقة والمناطق القريبة منها، إذْ كان السكان يلجؤون إليها وقت الخطر، ووقت تعرضهم لهجوم مِن قِبَل آخرين، لهذا نجدها مزودة بمساحة فسيحة لإيواء اللاجئين إليها مهما زاد عددهم، كما أنها مزودة بحجرات كثيرة لتخزين الغلال والطعام الكافي لإطعام اللاجئين إليها في أوقات الخطر، كما أنها دائما ما تكون مزودة بالماء، وهكذا توفر القلاعُ الأمنَ القومي للسكان.

 
القلعة كمصيف
 

كانت مدينة العين بشكل عام تستخدم كمصيف لأهل إمارة أبوظبي، وكانت رحلة المصيف تسمى البداه، أي رحلة الاصطياف، وبعد موسم الصيف يعودون إلى أبوظبي في رحلة يطلق عليها اسم الحضارة، وكان ضيوف الحاكم مِن عِلْيَة القوم يحلون عليه في قلعته، ومكان إقامته، فكانت (برزة الحاكم) أي مضيفته هي ملتقى العِلْيَة، وقد ساهمت نفقات هؤلاء المصطافين في توفير الانتعاش داخل مدينة العين.

 
مركز لإدارة النشاط الزراعي
 
كانت القلعة مركز إدارة النشاط الزراعي في منطقة العين، حيث كانت أراضي الحكام وشيوخ القبائل وتجار اللؤلؤ، وكان التخطيط للإدارة الزراعية يتم في القلعة، فمثلا خطط المغفور له الشيخ زايد بن سلطان لحفر فلج الصاروج بقلعة المويجعي، واستمر يشرف بنفسه على الحفر لمدة طويلة ويتابعه من قلعة المويجعي، وكان يقوم بالزراعة عُمَّالٌ بالأجر يسمون البيادر، بينما كان المحصول يخزن بالقلعة ويستخدم لخدمة أهالي المنطقة ونجدة المحتاج أو يوزع وفقا لظروف كل عام.
 
مركز للإغاثة
 
كانت القلعة مركز توزيع الإعانات للأهالي التي كانت تسمى (الشرهات)، أي المعونات المالية للمحتاجين، وكانت القلعة تمتلئ بأصحاب الحاجة الذين يتقدمون بمطالبهم شفهيا، وفي الغالب كانت على شكل قصائد في المديح والشكوى، فيقدم لهم الشيخ (الشرهات) حسب تقديره لظروف كل شخص وأحواله، وكانت أيضا تقدم الوجبات المجانية للمحتاجين كجزء من كرم الحاكم الدائم على مدار العام.
 
وقد اضطلعت القلعة بدور هام في أثناء الأزمة الاقتصادية الكبيرة التي عاشتها البلاد عام 1929م، بعد أن ضرب الكسادُ العالَمَ، وتمكنت اليابان من زراعة اللؤلؤ، وروَّجته في الأسواق العالمية، فقضت بذلك على مصدر الدخل الأساسي، وأفلس تجار اللؤلؤ، وامتلأت البلاد بالعاطلين من أطقم الغوص وبحارة السفن، وأغلقت السوق أبوابها، وفي العين بدأت القلعة توزيع المعونات في ذلك العام الذي أسماه الناس عام البطاقة، او سنة الفاضة.
 

بدأت بوادر التطور المالي عام 1939م حين وقعت أبوظبي اتفاقا مع بريطانيا يسمح بهبوط وإقلاع الطائرات في مطار في أبو ظبي مقابل رسوم تدفع للإمارة، وكان ذلك أول دخل نقدي يدخل للإمارة من الخارج بعد انقطاع دخلها من تصدير اللؤلؤ، ثم وقعت الإمارة أول امتياز نفطي عام 1939م مع شركة بترول الساحل المتصالح، نصت على أن تدفع الشركة 300 ألف روبية بعد شهر، ومبلغ 200 ألف روبية سنويا، وبدأت القلاع في توزيع المعونات على السكان التي بدأت بشكل محدود، ثم توسعت بعد تولي المغفور له الشيخ زايد بن سلطان حكم البلاد، وتوقف دورها الإداري والاقتصادي والاجتماعي بعد بناء الدولة الحديثة على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان عام 1971م.

 

 
 
12 . علي محمد راشد، الحصون والقلاع في دولة الإمارات العربية المتحدة، وزارة الإعلام أبوظبي، ط1، 1992، ص25.
13 . علي محمد راشد، الحصون والقلاع في دولة الإمارات العربية المتحدة، وزارة الإعلام أبوظبي، ط1، 1992، ص25.
14 . Cox,1925,p207  
15 . لوريمر، 1906، ص 260-264
16 . بيتر شيهان،، المرجع السابق، ص 47.
17 . أحمد رجب، المرجع السابق، ص 24.
18 . للمزيد من المعلومات حول قوة كشافة ساحل عمان اقرأ: بيتر كلايتون، تو ألفا ليما، ترجمة: ناصر الحميري، مركز الإمارات للدراسات والبحوث  الإسترتيجية، أبو ظبي، 2008.
19 . دار الهلال، أبوظبي، د.ت، ص65.
 

حصن وقصر المويجعي

 
أنشأ هذا الحصن الشيخ خليفة بن زايد الأول، واختلفت الآراء حول تاريخ بنائه، فلم يذكره زويرم الذي زار العين عام 1901، ولا كوس الذي زارها عام 1905، مما يدل على أنها أنشئت في تاريخ لاحق، وحاول بعض الباحثين التأريخ لبنائه مستندين إلى وجود بعض العملات المعدنية، أو ورود اسم فلج المويجعي في بعض الرسائل، ولكن توفي الشيخ زايد بن خليفة عام 1909م، وظهر اسم الحصن بعد ذلك في مناسبات متعددة، وبرز وجوده حين جدده وسكنه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله عام 1946م (20) ، عندما تولى حكم وإدارة منطقة العين في أبوظبي، ليكون مَقرًّا للحكم، وقد شهد الحصنُ ولادةَ صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات حفظه الله (21)، ويسمى حصن المويجعي أو قصر المويجعي نسبة إلى قرية المويجعي وهي واحدة من أهم قرى (واحات) العين الثمانية رغم أنها أصغرها، وهي في أقصى غرب مدينة العين، ويسكنها قبائل ياس، والعوامر، والمناصير (22) ، ويقع الحصن على بعد 500 متر من واحة المويجعي، في وسط الطريق الممتد من وسط مدينة العين إلى مدينة أبوظبي، ويشير هذا إلى القدرات التخطيطية للشيخ زايد بن سلطان رحمه الله، فهو يمكنه أن يحدد مكان حكمه في موقع على الطريق الممتد من العاصمة حتى قلب مدينة العين مقر حكمه.
 

كما تتمتع منطقة المويجعي بجو الصحراء، وتصلها المياه من خلال فلج المويجعي، وتمده المزارع الملاصقة للسور الغربي (23) بكافة الاحتياجات الغذائية.

 والحصن على شكل مربع شأنه شأن باقي حصون العين. طولُ ضلعه 60 متراً (24) ، أي أن إجمالي مساحته يبلغ نحو 3600 متر مربع، ومحاط بسور دفاعي مرتفع، يبلغ ارتفاعه نحو خمسة أمتار، وسمك الصور عند القاعدة 950 مليمترا، ويوجد بالقصر جناحان رئيسيان، الأول في الزاوية الشمالية الغربية وهو المَبْنَى الرئيسي، وهو مكون من ثلاثة طوابق، والثاني في الجهة الجنوبية الغربية، والمبنيان مُعَدَّان للسكن والإدارة. والحصنُ به برج واحد فقط، على شكل مربع، في  الجهة الجنوبية الغربية، والبرج مكون من ثلاثة طوابق، الطابق الأول مزود بثلاثة مزاغيل، والثاني ستة مزاغيل وفتحات للرماة، والطابق الثالث تعلوه مزاريب لتصريف مياه الأمطار.
 
ولا يوجد بالحصن أبراج دفاعية مثل باقي قلاع وحصون منطقة العين، ويرجع ذلك إلى إنشائه كمقر لحاكم منطقة العين في أبوظبي، ولذلك لم يأخذ من عناصر الحصون والقلاع الكثير، بل أخذ مظهر القصور والمراكز الإدارية، ولعل هذا ما يُسوِّغ تسميتَه كثيرا بقصر المويجعي أو قلعة المويجعي.
 
 
 وقد زينت مداخل الحصن ونوافذه برسوم هندسية جميلة، وتعلو الأسوار المثلثات أيضا، وفي يسار المدخل توجد قاعة مستطيلة طويلة كانت تستخدم في استقبال الضيوف، ويوجد المدخل في الجهة الجنوبية من الحصن، وهو مدخل بارز للخارج مستطيل الشكل، تعلوه ثلاثة مزاغل، وأربع فتحات للرمي، ومزين من أعلى بالمثلثات . (25)
 
  أما الفناء الأوسط للحصن فهو ساحة كبيرة في المنتصف مزروعة بالنخيل، ويزود بالماء من فلج المويجعي القريب، ولعل هذ السبب في عدم وجود بئر للماء بالحصن، فقد كان يُزَوَّدُ بالماء من فلج المويجعي.
 

 وخارج الحصن يوجد المسجد الذي شيده المغفور له الشيخ زايد بن سلطان خارج القصر، وهو مسجد مصمم على نفس طراز القلعة، وبنفس النمط المعماري، وهو مزود بمئذنة منفصلة عن المسجد، ليكمل الطابع الإسلامي للحصن كما رآه المؤسس.

المهام التي قامت بها القلعة
 
مركز للإدارة
 
كانت القلعة بمنزلة مركز للحكم، فيها يجلس الحاكم وإلى جواره يجلس شيوخ القبائل ورؤساء العشائر والعاملون في ( البرزة) ومنهم: الكاتب، وكاتم سر الحاكم، وكان يلقب بالكيتوب، و(المزكي) أي صاحب الخزينة، القائم على إدارة مالية الحاكم، لهذا نجد القلعة مزودة بقاعات كبيرة تتسع لعدد كبير من الناس.
 
محطة تجارية
 
 تقع العين على ملتقى شبكة من الطرق التجارية الداخلية، فهي تتوسط المسافة بين دبي وصحار ومسقط ومزيد، والشويب وأبوظبي، لهذا اضطلعت  القلعة بدور تجاري هام، فقد وفرت الأمن للقوافل التجارية المارة بتلك المناطق، وسهلت التنقل بين أجزاء البلاد، كما وفرت محطات آمنة لراحة لتلك القوافل.
 
محكمة
 
لم يقتصر دور القلعة على كونها حصنا ولكنها نهضت أيضا بدور المحكمة، حيث كان الفصل في القضايا من اختصاصات الحكام من شيوخ آل نهيان، ويذكر لنا الكثير من الرحالة الأوربيين مجلسَ المغفور له الشيخ زايد بن سلطان في القلعة (26)، حيث كان يستمع للمتخاصمين في هدوء ويحكم بينهم، ويخرج من عنده المتخاصمون وهم في رضى تام.
 
 وكان الحاكم يستمد أحكامه من الشريعة الإسلامية، والعادات والتقاليد، والأعراف القبلية السائدة، إلى جوار اجتهاده الشخصي فيما يعرض عليه من قضايا.
 
مركز أمني
 

 اضطلعت القلعة بدور مركز الشرطة، فقد وفرت الأمن القومي أو الأمن العام لسكان المنطقة والمناطق القريبة منها، حيث كان السكان يلجؤون إليها وقت الخطر، ووقت تعرضهم لهجوم من قبل آخرين، لهذا نجدها مزودة بمساحة فسيحة لإيواء اللاجئين إليها مهما زاد عددهم، كما أنها مزودة بحجرات كثيرة لتخزين الغلال والطعام الكافي لإطعام اللاجئين إليها في أوقات الخطر، كما أنها دائما ما تكون مزودة بالماء، وهكذا توفر القلاع الأمن القومي للسكان.

القلعة كمصيف
 
 كانت مدينة العين بشكل عام تستخدم كمصيف لأهل إمارة أبوظبي، وكانت رحلة المصيف تسمى البداه، أي رحلة الاصطياف، وبعد موسم الصيف يعودون إلى أبوظبي في رحلة يطلق عليها اسم الحضارة، وكان ضيوف الحاكم من عِلْيَة القوم يحلون عليه في قلعته، ومكان إقامته، فكانت (برزة الحاكم) أي مضيفته هي ملتقى العِلْيَة، وقد ساهمت نفقات هؤلاء المصطافين في توفير الانتعاش داخل مدينة العين.
 
مركزًا لإدارة النشاط الزراعي
 
 كانت القلعة هي مركز إدارة النشاط الزراعي في منطقة العين، حيث كانت أراضي الحكام وشيوخ القبائل وتجار اللؤلؤ، وكان التخطيط للإدارة الزراعية يتم في القلاع، فمثلا خطط المغفور له الشيخ زايد بن سلطان لحفر فلج الصاروج بقلعة المويجعي، واستمر يشرف بنفسه على الحفر لمدة طويلة ويتابعه من قلعة المويجعي، وكان يقوم بالزراعة عمالٌ بالأجر يسمون البيادر، بينما كان المحصول يخزن بالقلعة ويستخدم لخدمة أهل المنطقة ونجدة المحتاج أو يوزع وفقا لظروف كل عام.
 
مركز للإغاثة
 
 كانت القلعة مركز توزيع الإعانات للأهالي التي كانت تسمى (الشرهات)، أي المعونات المالية للمحتاجين، وكانت القلعة تمتلئ بأصحاب الحاجة الذين يتقدمون بمطالبهم شفهيا، وفي الغالب كانت على شكل قصائد في المديح والشكوى، فيقدم لهم الشيخ (الشرهات) حسب تقديره لظروف كل شخص وأحواله، وكانت أيضا تقدم الوجبات المجانية للمحتاجين كجزء من كرم الحاكم الدائم على مدار العام.
 

وقد اضطلعت القلعة بدور هام في أثناء الأزمة الاقتصادية الكبيرة التي عاشها عام 1929م، بعد أن ضرب الكسادُ العالَمَ، وتمكنت اليابان من زراعة اللؤلؤ، وروجته في الأسواق العالمية، فقضت بذلك على مصدر الدخل الأساسي، وأفلس تجار اللؤلؤ، وامتلأت البلاد بالعاطلين من أطقم الغوص وبحارة السفن، وأغلقت السوق أبوابها، وفي العين بدأت القلعة في توزيع المعونات في ذلك العام الذي أسماه الناس عام البطاقة، أو سنة الفاضة.

 بدأت بوادر التطور المالي عام 1939م حين وقعت أبو ظبي اتفاقا مع بريطانيا يسمح بهبوط وإقلاع الطائرات في مطار أبوظبي مقابل رسوم

تدفع للإمارة، وكان ذلك أول دخل نقدي يدخل للإمارة من الخارج بعد انقطاع دخلها من تصدير اللؤلؤ، ثم وقعت الإمارة أول امتياز نفطي عام 1939م مع شركة بترول الساحل المتصالح، نصت على أن تدفع الشركة 300 ألف روبية بعد شهر، ومبلغ 200 ألف روبية سنويا، وبدأت القلاع في توزيع المعونات على السكان التي بدأت بشكل محدود ثم توسعت بعد تولي المغفور له الشيخ زايد بن سلطان حكم البلاد، وتوقف دورها الإداري والاقتصادي والاجتماعي بعد بناء الدولة الحديثة على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان عام 1971م.
 
ديوان الشيخ زايد
 
زار ثيسنجر المويجعي عدة مرات خلال سنوات 1948 و 1949، والتقط العديد من الصور للحصن، وسجل لنا مشاهداته لديوان الشيخ زايد، وكيف كان يستقبل أهالي المنطقة ليحكم بينهم في منازعاتهم، وكيف كان مجلسه يفيض بالكرم، وتجمع الضيوف لتنال الطعام بالقصر وكان منهم ثيسنجر، كذلك التقط بيتر كلايتون النقيب في قوة كشافة ساحل عمان العديد من الصور للحصن عام 1955م أثناء عمله بالعين، كذلك التقطت القوات الجوية البريطانية صورة للحصن عام 1968م، وتُبيِّن كلُّ هذه الصور المحفوظة في المركز الوطني للوثائق والبحوث تشابها كبيرا في البناء مع الحصن بعد الترميم الذي قامت به هيئة أبو ظبي للتراث والثقافة والتي استندت إلى تلك الصور عند ترميم الحصن(27)
 

 
20. علي محمد راشد ، نفس المرجع ، ص45
21.  د. تيموثي باور، بيتر شيهان، قصر المويجعي، ديوان آل نهيان بالعين، ليوا، العدد الخامس، السنة الثالثة، يونيو 2011، ص 3.
22. كيلي، 1964، ص 46.
23.ثيسنجر، ولفرد، الرمال العربية، أبو ظبي، 1994، ص 234.
24. جاء في مصدر آخر أن ضلعها 65 مترا، انظر:  تيموثي باور، المرجع السابق، ص5.
25.  د. يحيي محمد محمود، نفس المرجع، ص 87.
26.  دار الهلال، أبوظبي، د.ت، ص65.
27.  تيموثي باور، نفس المصدر، ص 13.

 

قلعة مزيد

 
 
توجد قلعة مزيد في الجهة الشمالية من قرية مزيد، وهي قلعة مستطيلة طولُها 50 مترا، وعرضها 40 مترا، ويرجع تاريخ بنائها للقرن التاسع عشر ولا يعرف لبنائها تاريخ محدد، كما لا يعرف شخصية مؤسسها على وجه الدقة.
 
تتشابه القلعة مع قلعة الجاهلي في وجود ثلاثة أبراج دائرية وبرج مربع، علاوة على بابين كبيرين، ولا يوجد كتابات أعلى البابين، فقد درج المؤسسون على كتابة أبيات من الشعر للتعريف بالمنشئ وتاريخ الإنشاء، وهنا لا نجد تاريخا ولا اسما، وربما تكون الأبيات قد سقطت بمرور الزمان، وهو ما يجعل التاريخ لإنشائها ولمنشئها صعبا لعدم توافر الدليل المعتاد في مثل هذه القلاع، والقلعة محاطة بأسوار ضخمة ارتفاعُها حوالي 4 أمتار، تعلوها شرفات مثلثة مثل باقي منشآت آل نهيان بالعين، والواجهات مزودة أيضا بعدد من المزاغل وفتحات البنادق.
 
أما الأبراج الدائرية جميعا فهي متطابقة تماما فكلٌّ منها أسطوانيُّ الشكل، يبلغ قطرُ قاعدته نحو 9 أمتار وقطرُ سطحه نحو 7 امتار، أي أنها تستدق كلما اتجهنا إلى أعلى مما يزيدها قوة في التحمل، شأنها في ذلك شأن مثيلاتها من القلاع المعاصرة في تلك المنطقة، أما البرج المربع فهو برج ضخم طولُ ضلعه 10 أمتار وهو من طابقين مزود بفتحات للمزاغل وفتحات للبنادق.
 

أما بابا القلعة فهما بابان بارزان عن سمات الواجهة، ويؤديان إلى فناء ضخم يتوسط القلعة، تفتح عليه القاعات من جميع الاتجاهات،  وهي قاعات مختلفة المساحة ومختلفة الاستخدام، بعضُها يفتح مباشرة على الفناء وبعضُها يفتح في اتجاه بعضها الآخر. أما سطح القاعات والغرف فقد كان يستخدم كممر للجنود كي يتناقلوا فوقه خلف الأسوار والشرفات، وتتصل أسطح تلك القاعات بأبراج القلعة، مما يسهل تنقل الجنود فوق أسطح الغرف والأبراج (28).

 
المهام التي قامت بها القلعة
 
مركز للإدارة
 

كانت القلعة بمنزلة مركز للحكم، فيها يجلس الحاكم وإلى جواره يجلس شيوخ القبائل ورؤساء العشائر والعاملون في (البرزة) ومنهم: الكاتب، وكاتم سر الحاكم، وكان يلقب بالكيتوب، و(المزكي) أي صاحب الخزينة، القائم على إدارة مالية الحاكم، لهذا نجد القلعة مزودة بقاعات كبيرة تتسع لعدد كبير من الناس.

 
محطة تجارية
 

تقع العين على ملتقى شبكة من الطرق التجارية الداخلية، فهي تتوسط المسافة بين دبي وصحار ومسقط ومزيد، والشويب وأبو ظبي، لهذا نهضت  القلعة بدور تجاري هام، فقد وفرت الأمن للقوافل التجارية المارة بتلك المناطق، وسهلت التنقل بين أجزاء البلاد، كما وفرت محطات آمنة لراحة لتلك القوافل.

 
محكمة
 

لم يقتصر دور القلعة على كونها حصنا ولكنها نهضت أيضا بدور المحكمة، حيث كان الفصل في القضايا من اختصاصات الحكام من شيوخ آل نهيان، ويذكر لنا الكثير من الرحالة الأوربيين مجلس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان في القلعة (29)  ، حيث كان يستمع للمتخاصمين في هدوء ويحكم بينهم، ويخرج من عنده المتخاصمين وهم في رضى تام.
  وكان الحاكم يستمد أحكامه من الشريعة الإسلامية، والعادات والتقاليد، والأعراف القبلية السائدة، ثُمَّ اجتهاده الشخصي فيما يعرض عليه من قضايا.

 
مركز أمني
 

نهضت القلعة بدور مركز الشرطة، فقد وفرت الأمن القومي أو الأمن العام لسكان المنطقة والمناطق القريبة منها، حيث كان السكان يلجؤون إليها وقت الخطر، ووقت تعرضهم لهجوم من قبل آخرين، لهذا نجدها مزودة بمساحة فسيحة لإيواء اللاجئين إليها مهما زاد عددهم، كما أنها مزودة بحجرات كثيرة لتخزين الغلال والطعام الكافي لإطعام اللاجئين إليها في أوقات الخطر، كما أنها دائما ما تكون مزودة بالماء، وهكذا توفر القلاع أمنا قوميا للسكان.

 
القلعة كمصيف
 

كانت مدينة العين بشكل عام تستخدم كمصيف لأهل الإمارة، وكانت رحلة المصيف تسمى البداه، أي رحلة الاصطياف، وبعد موسم الصيف يعودون إلى أبوظبي في رحلة يطلق عليها اسم الحضارة، وكان ضيوف الحاكم من عِلْيَة القوم يحلون عليه في قلعته، ومكان إقامته، فكانت (برزة الحاكم) أي مضيفته هي ملتقى العِلْية، وقد ساهمت نفقات هؤلاء المصطافين في توفير الانتعاش داخل مدينة العين.

 
مركز لإدارة النشاط الزراعي
 

كانت القلعة هي مركز إدارة النشاط الزراعي في منطقة العين، حيث كانت أراضي الحكام وشيوخ القبائل وتجار اللؤلؤ، وكان التخطيط للإدارة الزراعية يتم في القلعة، فمثلا خطط المغفور له الشيخ زايد بن سلطان لحفر فلج الصاروج بقلعة المويجعي، واستمر يشرف بنفسه على الحفر لمدة طويلة ويتابعه من قلعة المويجعي، وكان يقوم بالزراعة عُمَّالٌ بالأجر يسمون البيادر، بينما كان المحصول يخزن بالقلعة ويستخدم لخدمة أهل المنطقة ونجدة المحتاج أو يوزع وفقا لظروف كل عام.

 
مركز للإغاثة
 
كانت القلعة مركز توزيع الإعانات للأهالي التي كانت تسمى (الشرهات)، أي المعونات المالية للمحتاجين، وكانت القلعة تمتلئ بأصحاب الحاجة الذين يتقدمون بمطالبهم شفهيا، وفي الغالب كانت على شكل قصائد في المديح والشكوى، فيقدم لهم الشيخ (الشرهات) حسب تقديره لظروف كل شخص وأحواله، وكانت أيضا تقدم الوجبات المجانية للمحتاجين كجزء من كرم الحاكم الدائم على مدار العام.
 
وقد اضطلعت القلعة بدور هام في أثناء الأزمة الاقتصادية الكبيرة التي عاشها عام 1929م، بعد أن ضرب الكساد العالم، وتمكنت اليابان من زراعة اللؤلؤ، وروجته في الأسواق العالمية، فقضت بذلك على مصدر الدخل الأساسي، وأفلس تجار اللؤلؤ، وامتلأت البلاد بالعاطلين من أطقم الغوص وبحارة السفن، وأغلقت السوق أبوابها، وفي العين بدأت القلاع في توزيع المعونات في ذلك العام الذي أسماه الناس عام البطاقة، أو سنة الفاضة.
 

بدأت بوادر التطور المالي عام 1939م حين وقعت أبوظبي اتفاقا مع بريطانيا يسمح بهبوط وإقلاع الطائرات في مطار أبوظبي مقابل رسوم تدفع للإمارة، وكان ذلك أول دخل نقدي يدخل للإمارة من الخارج بعد انقطاع دخلها من تصدير اللؤلؤ، ثم وقعت الإمارة أول امتياز نفطي عام 1939م مع شركة بترول الساحل المتصالح، نصت على أن تدفع الشركة 300 ألف روبية بعد شهر، ومبلغ 200 ألف روبية سنويا، وبدأت القلاع في توزيع المعونات على السكان التي بدأت بشكل محدود ثم توسعت بعد تولي المغفور له الشيخ زايد بن سلطان حكم البلاد، وتوقف دورها الإداري والاقتصادي والاجتماعي بعد بناء الدولة الحديثة على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان عام 1971م.


 
28  . أحمد رجب، المرجع السابق، ص 33.
29  . دار الهلال، أبوظبي، د.ت، ص65.
 

قلعة المريجب

 
 تعتبر قلعة المريجب أقدم قلاع العين، فقد تم بناؤها عام 1816م في أواخر عهد الشيخ شخبوط بن ذياب في شمال شرق القطارة (30) ، وهي ليست قلعة بل مجموعة معمارية تتكون من قلعة وبرجين منفصلين، فهي إذًا بمنزلة ثلاثة قلاع وليست قلعة واحدة، أما البرجان المنفصلان فأحدهما أسطواني ويقع في الجزء الجنوبي الشرقي، وهو برج مخصص للدفاع والمراقبة، لذلك هو مزود بفتحات للمزاغل والرمي، ومعد للأغراض العسكرية، أما البرج الآخر فهو مربع الشكل ويقع في الناحية الشمالية الغربية، ويرجح أنه كان يستخدم لغرض السكن والإقامة أو مقرا إداريا (31).
 
المهام التي قامت بها القلعة
 
مركز للإدارة
 
كانت القلعة بمنزلة مركز للحكم، فيها يجلس الحاكم وإلى جواره يجلس شيوخ القبائل ورؤساء العشائر والعاملون في (البرزة) ومنهم: الكاتب، وكاتم سر الحاكم، وكان يلقب بالكيتوب، و(المزكي) أي صاحب الخزينة، القائم على إدارة مالية الحاكم، لهذا نجد القلعة مزودة بقاعات كبيرة تتسع لعدد كبير من الناس.
 
محطة تجارية
 
تقع العين على ملتقى شبكة من الطرق التجارية الداخلية، فهي تتوسط المسافة بين دبي وصحار ومسقط ومزيد، والشويب وأبو ظبي، لهذا نهضت  القلعة بدور تجاري هام، فقد وفرت الأمن للقوافل التجارية المارة بتلك المناطق، وسهلت التنقل بين أجزاء البلاد، كما وفرت محطات آمنة لراحة لتلك القوافل
 
محكمة
 
لم يقتصر دور القلعة على كونها حصنا ولكنها نهضت أيضا بدور المحكمة، حيث كان الفصل في القضايا من اختصاصات الحكام من شيوخ آل نهيان، ويذكر لنا الكثير من الرحالة الأوربيين مجلس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان في القلعة (32) ، حيث كان يستمع للمتخاصمين في هدوء ويحكم بينهم، ويخرج من عنده المتخاصمون وهم في رضى تام.
  وكان الحاكم يستمد أحكامه من الشريعة الإسلامية، والعادات والتقاليد، والأعراف القبلية السائدة،ثُمَّ اجتهاده الشخصي فيما يعرض عليه من قضايا.
 
مركز أمني
 
نهضت القلاع بدور مركز الشرطة، فقد وفرت الأمن القومي أو الأمن العام لسكان المنطقة والمناطق القريبة منها، حيث كان السكان يلجؤون إليها وقت الخطر، ووقت تعرضهم لهجوم من قبل آخرين، لهذا نجدها مزودة بمساحة فسيحة لإيواء اللاجئين إليها مهما زاد عددهم، كما أنها مزودة بحجرات كثيرة لتخزين الغلال والطعام الكافي لإطعام اللاجئين إليها في أوقات الخطر، كما أنها دائما ما تكون مزودة بالماء، وهكذا وفرت القلعة أمناً قوميا للسكان.
 
القلعة كمصيف
 
كانت مدينة العين بشكل عام تستخدم كمصيف لأهل الإمارة، وكانت رحلة المصيف تسمى البداه، أي رحلة الاصطياف، وبعد موسم الصيف يعودون إلى أبوظبي في رحلة يطلق عليها اسم الحضارة، وكان ضيوف الحاكم من عِلْيَة القوم يحلون عليه في قلعته، ومكان إقامته، فكانت (برزة الحاكم) أي مضيفته هي ملتقى العلية، وقد ساهمت نفقات هؤلاء المصطافين في توفير الانتعاش داخل مدينة العين.
 
مركز لإدارة النشاط الزراعي
 
كانت القلاع هي مركز إدارة النشاط الزراعي في منطقة العين، حيث كانت أراضي الحكام وشيوخ القبائل وتجار اللؤلؤ، وكان التخطيط للإدارة الزراعية يتم في القلعة، فمثلا خطط المغفور له الشيخ زايد بن سلطان لحفر فلج الصاروج بقلعة المويجعي، واستمر يشرف بنفسه على الحفر لمدة طويلة ويتابعه من قلعة المويجعي، وكان يقوم بالزراعة عُمَّالٌ بالأجر يسمون البيادر، بينما كان المحصول يخزن بالقلعة ويستخدم لخدمة أهل المنطقة ونجدة المحتاج أو يوزع وفقا لظروف كل عام.
 
مركز للإغاثة
 
كانت القلعةُ مركزَ توزيع الإعانات للأهالي التي كانت تسمى (الشرهات)، أي المعونات المالية للمحتاجين، وكانت القلعة تمتلئ بأصحاب الحاجة الذين يتقدمون بمطالبهم شفهيا، وفي الغالب كانت على شكل قصائد في المديح والشكوى، فيقدم لهم الشيخ (الشرهات) حسب تقديره لظروف كل شخص وأحواله، وكانت أيضا تقدم الوجبات المجانية للمحتاجين كجزء من كرم الحاكم الدائم على مدار العام.
 
وقد اضطلعت القلعة بدور هام في أثناء الأزمة الاقتصادية الكبيرة التي عاشها عام 1929م، بعد أن ضرب الكساد العالم، وتمكنت اليابان من زراعة اللؤلؤ، وروجته في الأسواق العالمية، فقضت بذلك على مصدر الدخل الأساسي، وأفلس تجار اللؤلؤ، وامتلأت البلاد بالعاطلين من أطقم الغوص وبحارة السفن، وأغلقت السوق أبوابها، وفي العين بدأت القلاع في توزيع المعونات في ذلك العام الذي أسماه الناس عام البطاقة، أو سنة الفاضة.
 
بدأت بوادر التطور المالي عام 1939م حين وقعت أبوظبي اتفاقا مع بريطانيا يسمح بهبوط وإقلاع الطائرات في مطار أبوظبي مقابل رسوم تدفع للإمارة، وكان ذلك أول دخل نقدي يدخل للإمارة من الخارج بعد انقطاع دخلها من تصدير اللؤلؤ، ثم وقعت الإمارة أول امتياز نفطي عام 1939م مع شركة بترول الساحل المتصالح، نصت على أن تدفع الشركة 300 ألف روبية بعد شهر، ومبلغ 200 ألف روبية سنويا، وبدأت القلاع في توزيع المعونات على السكان التي بدأت بشكل محدود ثم توسعت بعد تولي المغفور له الشيخ زايد بن سلطان حكم البلاد، وتوقف دورها الإداري والاقتصادي والاجتماعي بعد بناء الدولة الحديثة على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان عام 1971م.
 
 


30 . علي محمد راشد، نفس المرجع، ص80.
31 . د. يحيي محمد محمود، نفس المرجع، ص78.
32 . دار الهلال، أبو ظبي، د.ت، ص65.
 

قلعة الرميلة

 
قلعة الرميلة واحدة من القلاع الضخمة الموجودة بالعين، وسميت بهذا الاسم نسبة إلى قرية الرميلة الموجودة بها، وهي عبارة عن مربعة ضخمة محاطة بسور مرتفع يحيط بها، والسور محلى بحليات من المثلثات التي تعلو السور الخارجي للقلعة، والسور الخارجي على شكل هندسي منتظم مكون من تسعة أضلاع وهو السور الوحيد الموجود بهذا الشكل، فعادة ما تكون الأسوار مستطيلة أو مربعة أو دائرية، ولكن هذه القلعة تعتبر شاذة مقارنة بباقي القلاع خصوصا أنها موجودة في منطقة مستوية، فطبوغرافية الموقع لم تؤثر فيها وتفرض على المنشئ اللجوء إلى مثل هذا الشكل، كذلك فهي غير محاطة بمنشآت فرضت هذا الشكل على المصمم، كل هذا يدل على أن هذا الشكل هو باختيار المصمم للقلعة، وتقع المربعة وسط هذا السور وهو مزود بباب خشبي مستطيل الشكل، والباب غير بارز عكس الكثير من القلاع الموجودة في المنطقة، وتعلو الباب ثلاث فتحات للمزاغل والرمي، وتنتشر الفتحات على طول السور.
 

وتقع الفتحات والمزاغل والمثلثات في السور الخارجي أما المربعة في قلعة الرميلة فلها باب مستطيل الشكل تعلوه فتحة مثلثة، والقلعة مكونة من طابقين اثنين، كل منهما مزود بفتحات للمزاغل والرمي للأغراض الدفاعية والعسكرية، بالإضافة إلى وجود نافذة واحدة كبيرة بكل جانب تمثل فتحة للتهوية والإضاءة بقاعة من القاعات الرئيسية للمربعة.

 
فن البناء
 

 بنيت القلعة من الخامات المحلية ممثلة في الساروج كخامة أساسية، واستخدمت جذوع النخيل المتوافر في المنطقة لتشييد الأسقف ومجاري تصريف المياه (المزاريب)، وقد نتج عن استخدام الساروج وهو مادة عازلة للحرارة أن تلطف الجو داخل القلعة، وهو ما يتناسب مع عمارة المناطق الصحراوية.
أما زخارف البناء فقد تميزت القلعة بالاعتماد بشكل أساسي على استخدام المثلثات كعنصر زخرفي أساسي، فالأسوار يعلوها المثلثات، والأبواب تعلوها المثلثات، ولذلك كانت المثلثات هي العنصر الأساسي بزخارف القلعة.

 
المهام التي قامت بها القلعة
 
مركز للإدارة
 

كانت القلعة بمنزلة مركز للحكم، فيها يجلس الحاكم وإلى جواره يجلس شيوخ القبائل ورؤساء العشائر والعاملون في (البرزة) ومنهم: الكاتب، وكاتم سر الحاكم، وكان يلقب بالكيتوب، و(المزكي) أي صاحب الخزينة، القائم على إدارة مالية الحاكم، لهذا نجد القلعة مزودة بقاعات كبيرة تتسع لعدد كبير من الناس.

 
محطة تجارية
 

تقع العين على ملتقى شبكة من الطرق التجارية الداخلية، فهي تتوسط المسافة بين دبي وصحار ومسقط ومزيد، والشويب وأبوظبي، لهذا نهضت القلعة بدور تجاري هام، فقد وفرت الأمن للقوافل التجارية المارة بتلك المناطق، وسهلت التنقل بين أجزاء البلاد، كما وفرت محطات آمنة لراحة تلك القوافل.

 
محكمة
 
لم يقتصر دور القلعة على كونها حصنا ولكنها نهضت أيضا بدور المحكمة، حيث كان الفصل في القضايا من اختصاصات الحكام من شيوخ آل نهيان، ويذكر لنا الكثير من الرحالة الأوربيين مجلس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان في القلعة (33) ، حيث كان يستمع إلى المتخاصمين في هدوء ويحكم بينهم، ويخرج من عنده المتخاصمون وهم في رضى تام.
 

وكان الحاكم يستمد أحكامه من الشريعة الإسلامية، والعادات والتقاليد، والأعراف القبلية السائدة،ثُمَّ اجتهاده الشخصي فيما يعرض عليه من قضايا.

 
مركز أمني
 

نهضت القلعة بدور مركز الشرطة، فقد وفرت الأمن القومي أو الأمن العام لسكان المنطقة والمناطق القريبة منها، حيث كان السكان يلجؤون إليها وقت الخطر، ووقت تعرضهم لهجوم من قبل آخرين، لهذا نجدها مزودة بمساحة فسيحة لإيواء اللاجئين إليها مهما زاد عددهم، كما أنها مزودة بحجرات كثيرة لتخزين الغلال والطعام الكافي لإطعام اللاجئين إليها في أوقات الخطر، كما أنها دائما ما تكون مزودة بالماء، وهكذا وفرت القلعة أمنا قوميا للسكان.

 
القلعة كمصيف
 

كانت مدينة العين بشكل عام تستخدم كمصيف لأهل الإمارة، وكانت رحلة المصيف تسمى البداه، أي رحلة الاصطياف، وبعد موسم الصيف يعودون إلى أبوظبي في رحلة يطلق عليها اسم الحضارة، وكان ضيوف الحاكم من عِلْيَة القوم يحلون عليه في قلعته، ومكان إقامته، فكانت (برزة الحاكم) أي مضيفته هي ملتقى العِلْيَة، وقد ساهمت نفقات هؤلاء المصطافين في توفير الانتعاش داخل مدينة العين.

 
مركز لإدارة النشاط الزراعي
 

كانت القلعة هي مركز إدارة النشاط الزراعي في منطقة العين، حيث كانت أراضي الحكام وشيوخ القبائل وتجار اللؤلؤ، وكان التخطيط للإدارة الزراعية يتم في القلاع، فمثلا خطط المغفور له الشيخ زايد بن سلطان لحفر فلج الصاروج بقلعة المويجعي، واستمر يشرف بنفسه على الحفر لمدة طويلة ويتابعه من قلعة المويجعي، وكان يقوم بالزراعة عُمَّالٌ بالأجر يسمون البيادر، بينما كان المحصول يخزن بالقلعة ويستخدم لخدمة أهل المنطقة ونجدة المحتاج أو يوزع وفقا لظروف كل عام.

 
مركز للإغاثة
 
كانت القلاع مركز توزيع الإعانات للأهالي التي كانت تسمى (الشرهات)، أي المعونات المالية للمحتاجين، وكانت القلعة تمتلئ بأصحاب الحاجة الذين يتقدمون بمطالبهم شفهيا، وفي الغالب كانت على شكل قصائد في المديح والشكوى، فيقدم لهم الشيخ (الشرهات) حسب تقديره لظروف كل شخص وأحواله، وكانت أيضا تقدم الوجبات المجانية للمحتاجين كجزء من كرم الحاكم الدائم على مدار العام.
 
 وقد اضطلعت القلعة بدور هام في أثناء الأزمة الاقتصادية الكبيرة التي عاشها عام 1929م، بعد أن ضرب الكساد العالم، وتمكنت اليابان من زراعة اللؤلؤ، وروجته في الأسواق العالمية، فقضت بذلك على مصدر الدخل الأساسي، وأفلس تجار اللؤلؤ، وامتلأت البلاد بالعاطلين من أطقم الغوص وبحارة السفن، وأغلقت السوق أبوابها، وفي العين بدأت القلعة في توزيع المعونات في ذلك العام الذي أسماه الناس عام البطاقة، او سنة الفاضة.
 

بدأت بوادر التطور المالي عام 1939م حين وقعت أبوظبي اتفاقا مع بريطانيا يسمح بهبوط وإقلاع الطائرات في مطار أبوظبي مقابل رسوم تدفع للإمارة، وكان ذلك أول دخل نقدي يدخل للإمارة من الخارج بعد انقطاع دخلها من تصدير اللؤلؤ، ثم وقعت الإمارة أول امتياز نفطي عام 1939م مع شركة بترول الساحل المتصالح، نصت على أن تدفع الشركة 300 ألف روبية بعد شهر، ومبلغ 200 ألف روبية سنويا، وبدأت القلاع في توزيع المعونات على السكان التي بدأت بشكل محدود ثم توسعت بعد تولي المغفور له الشيخ زايد بن سلطان حكم البلاد، وتوقف دورها الإداري والاقتصادي والاجتماعي بعد بناء الدولة الحديثة على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان عام 1971م.



33  . دار الهلال، أبوظبي، د.ت، ص65.
 

قلعة المربعة

 
اشتقت المربعةُ اسمَها من شكلها الهندسي المربع، فهي تعني الحصن أو المجلس المربع الشكل، أو المستطيل جوازا، وقد عرفها العرب منذ مدة طويلة (34) وتتعدد استخداماتها، فهي تستخدم غالبا لأهداف عسكرية، أو منازل للحكام، أو نقاط مراقبة مزودة بوسائل دفاعية كفتحات للرمي والبنادق(35).
 
والعين يوجد بها مربعة وحيدة، وأحيانا يطلق عليها قلعة المربعة، وتقع وسط مدينة العين، على مقربة من قلعة سلطان، وقد بناها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان عام 1948م، وقد استخدمت كمقر لشرطة العين، ومركزا للإدارة الأمنية في المدينة، وقد أنشئت المربعة لهذا الغرض، وظلت مركزا للشرطة في مدينة العين حتى انتقلت الشرطة إلى مكان آخر وتحولت إلى أثر سياحي في وسط منطقة السوق.
 

وتتكون المربعة من ثلاثة طوابق، يخلو الطابق الأول من النوافذ، ولكنه مزود بالمزاغل، كوسيلة دفاعية عن المربعة، أما الطابق الثاني فمزود بثلاث نوافذ، والطابق الثالث مزود بأربع نوافذ نظرا لارتفاعه الذي يوفر له حصانة أكثر من الطابقين الأولين. أما الأركان الأربعة للمربعة فهي مزودة بأربع حليات مخروطية تشبه المآذن في الشكل كحليات هندسية، اما السور العلوي للمربعة فهو مغطى بالمثلثات وتوجد به فتحات للرمي ومزاغل كثيرة، بينما يخلو الطابق الثالث من مثل هذه الفتحات مما يبين الطابع الإداري لها (36).

المهام التي قامت بها القلعة

 
مركز أمني
 

اضطلعت المربعة بدور مركز الشرطة، فقد وفرت الامن القومي أو الأمن العام لسكان المنطقة والمناطق القريبة منها، حيث كان السكان يلجؤون إليها وقت الخطر، ووقت تعرضهم لهجوم من قبل آخرين، لهذا نجدها مزودة بمساحة فسيحة لإيواء اللاجئين إليها مهما زاد عددهم، كما أنها مزودة بحجرات كثيرة لتخزين الغلال والطعام الكافي لإطعام اللاجئين إليها في أوقات الخطر، كما أنها دائما ما تكون مزودة بالماء، وهكذا وفرت المربعة أمنا قوميا للسكان.
عندما بدأت أعداد الأجانب تزداد في مدينة العين، ومع زيادة السكان، زادت المهام الأمنية للقلعة وأصبحت تنهض بدور مركز الشرطة الرئيسي في المدينة، وظلت تؤدي ذلك الدور حتى تم استحداث المراكز الأمنية الحديثة بعد عام 1971، فتراجع الدور الذي تقوم به المربعة.

 
مضيفة
 

استخدمت المربعة كسكن خاص لكبار الضيوف في العين. ففي عام 1953 كانت المربعة مقرا لإقامة قائد قوة كشافة ساحل عمان الميجور بيتر ماكدونالد، كما استخدم نفس القلعة كسكن للدكتور ديفيد هاريسون طبيب قوة كشافة ساحل عمان، وقد سجل ذلك في مذكراته التي نشرت بعد ذلك، والذي حل محل الدكتور جون مارشال الطبيب المنتهية خدمته في أغسطس عام 1953 (37) ، وقد استخدم ديفيد هاريسون الطابق الثالث كمعمل لتحنيط الطيور طوال فترة إقامته بالعين.


 

34 . الفيروز أبادي، القاموس المحيط، بيروت، 1978، ص 297.
35 . عبد الستار العزاوي، المربعات، دراسة تاريخية، 1998، ص7.
36 . د. يحيي محمد محمود، نفس المرجع، ص88.
37 . لمزيد من المعلومات ، اقرأ  الدراسة القيمة : شمسة الظاهري، دراسات في تاريخ أبو ظبي الاقتصادي والاجتماعي، نادي تراث الإمارات، أبوظبي 2013.

 

قلعة العانكة

 
أنشأ قلعة العانكة الشيخ سعيد بن طحنون، حاكم أبوظبي ( 1845-1855)، وتقع على بعد 55 كم من مدينة العين في اتجاه أبوظبي، في موقع كانت به بئر قديمة تسمى بئر العانكة (38) ، واسم العانكة اسم عربي أصيل، له عدة دلالات لغوية، فهو مشتق من اسم الرمل الأحمر المحيط بالقلعة، فهي إذاً قلعةُ الرمل الأحمر، كما تعني أيضا أنها تُسقِط مَن أرادَ النَّيْلَ منها، وأنها تعوق مسيرةَ مَن يحاول الوصولَ إليها وإن وصل إليها فلن يستطيع الفكاك منها(39)، وهو ما حدث فِعْلا حين وقعت موقعة العانكة التي انتصر فيها أهالي أبوظبي على أعدائهم (40).
 
الوصف المعماري
 
 القلعة مستطيلة الشكل طولُها 20 مترا، وعَرضُها عشرة أمتار، وارتفاعُها 12 مترا، ويقع بناء القلعة على بعد 15 مترا من الأسوار من جميع الاتجاهات، فالبناء في المنتصف تماما، ويقع مدخلها في الضلع الجنوبي من البناء، وعرض المدخل ثلاثة أمتار (41) ، والقلعة مكونة من طابقين، الأرضي منهما بلا نوافذ لكنه مزود بفتحات للتهوية والإضاءة، ويرجع ذلك لطبيعته كقلعة دفاعية بالدرجة الأولى، ويتكون كل طابق من ردهة مستطيلة تؤدي إلى غرفتان كبيرتان مستطيلتان في الشكل، ويوجد سلم في الجهة الشمالية الغربية يؤدي إلى الدور العلوي ومن بعده يؤدي إلى سطح المربعة والذي يمكن منه استطلاع المنطقة المحيطة بالقلعة، ويمكن لأفراد الحراسة متابعة الطريق بين أبوظبي والعين من ذلك السطح، فهو نقطة مراقبة متميزة، تمكن الجنود من الدفاع عن العين وأبوظبي كنقطة دفاع متقدمة لكل منهما، أي خط دفاع أول عن كل من المدينتين.
 

أما السور الخارجي للقلعة فهو غير مرتفع، فيصل ارتفاعه إلى نحو 2.5م فقط، وربما يرجع ذلك إلى أنه  في منطقة مرتفعة أصلا، وهو نقطة استطلاع ويتيح الرؤية للجنود من داخل القلعة، فلو ارتفعَ السورُ لَحَجَبَ الرؤيةَ عن الجنود، وهو مزود بمزاغل للرماة، وفتحات للبنادق، وتعلوه المثلثات شأنه شأن باقي أسوار القلاع والحصون في منطقة العين، ويوجد مدخل القلعة بالسور الجنوبي ويبلغ عرضه 4 أمتارـ وارتفاعه خمسة أمتار، وبه خوخة (فتحة لدخول الأفراد) عَرْضُها مترٌ ونصف وارتفاعُها ثلاثةُ أمتار تؤدي إلى المدخل، ويسمح وجود تلك الفتحة بإغلاق المدخل ودخول وخروج الأفراد مما يزيد من حصانة القلعة، أما باب القلعة فهو مصنوع من الخشب السميك ومدعم بالعوارض الحديدة مما يزيد من قوته.

 
الدور العسكري للقلعة
 

نهضت القلعة بدور هام في الدفاع عن العين، وخيرُ مثال لدورها العسكري هو النصر في موقعة العانكة عام 1848م (42) ، حين تمكنت قوات أبوظبي من هزيمة القوات الغازية في العانكة، ويرجع ذلك إلى الطبيعة القاسية لهذا المكان حيث يندر وجود المياه، إلا من بئر العانكة الذي تم إخفاؤه عند بناء القلعة  لكي لا يَعرِف وسيلةَ الحصول على المياه في ذلك المكان سوى أهل العانكة فقط، ومع حصانة القلعة وارتفاعها عن الأرض وكشفها للطريق، كل تلك المزايا الاستراتيجية مكَّنت قوات أبوظبي من الدفاع عن العين وصَدِّ الخطر الخارجي، وبهذا تكون قلعة العانكة هي القلعة الوحيدة التي تقوم بالدور العسكري للقلاع فقط، وقد نجحت في أدائه منذ منتصف القرن التاسع عشر.


 
38 . د. محمد فاتح زغل، العانكة  قلعة الرمال الحمراء، مجلة ليوا، أبوظبي، العدد السابع، 2004، ص 18.
39 . محمد فاتح زغل، ذاكرة الطين، كتاب تراث، أبوظبي، 2012، ص169.
40 . د. أحمد رجب، مرجع سابق، ص37.
41 . محمد فاتح زغل، المرجع السابق، ص 171.
42 . محمد فاتح زغل، العانكة قلعة الرمال، مرجع سابق، ص 18.